بقلم: بشّار زيدان - على بعد أسبوعين من إصدار ألبومها الجديد المرتقب، أصدرت النجمة اللبنانية نانسي عجرم كليب "حاسّة بيك" ليحمل معه مفاجأة من العيار الثقيل لما حمله من اختلاف عن كليباتها السابقة وعناصر غير متوقْعة بالقصّة والتنفيذ.

الأغنية التي كتبها خالد تاج، لحّنها خالد عزّ، ووزّعها طارق مدكور تُدخل نانسي إلى منطقة فنيّة جديدة لم تختبرها من قبل، إذ فيها توليفة فنيّة مميّزة لم نسمعها من نانسي مسبقاً. تحمل الكلمات فكرة جديدة في ترجمة المشاعر المخبأة التي لم يتجرّأ الحبيبين على التصارح بها، فتشعر المرأة بإعجاب الرجل الذي تحبّه إلا أنها بحاجة لتأكيد منه على مشاعره التي لا يُظهرها. أبدع خالد عزّ في إعطاء الأغنية ألحان غير مستهلكة ترجمت حالة الأغنية والمشاعر المتضاربة فيها. أعطى طارق مدكور الأغنية قالباً موسيقياً رائع من خلال التوزيع، ووظّف الغيتار بشكل مميّز بمختلف مراحل الأغنية. نانسي التي تُحتسب لها جرأتها في انتقاء أغانٍ لا يتوقّعها الجمهور منها، أدت "حاسّة بيك" بإحساسٍ ترك بصمتها على الأغنية.

يأتي الكليب بشكله الفنيّ العام مختلف عن كافة كليبات نانسي، حيث يحمل صورة غير متوقْعة للأغنية ويمنحها شكلاً سينمائياً راقٍ. أما عبقريّة المخرجة ليلى كنعان فتتجلّى ليس فقط بتنفيذ العمل على هذا المستوى الرفيع، بل في قدرتها على منح الأغنية بعداً جديداً من خلال إيجاد إزدواجيّة في ترجمة الكلمات. من هنا وُلدت فكرة الكليب في تجسيد نانسي لدورين، فهي النجمة الواقعة بحبّ زميلها المتزوّج، وهي زوجته المتفانية بواجباتها المنزليّة. هنا تمكّنت كنعان من أن ترينا شقّين دراميين متناقضين: النجمة العاشقة التي تنتظر إشارة من حبيبها عندما تقول: "حاسّة بيك… عارفة إنك نفسك أبقى بين إيديك… ليه مخبّي وانت بان شوقك عليك؟"، وبالتوازي الزوجة المجروحة التي تشكّ بتغيّر مشاعر زوجها وتشعر بخيانته عندما تقول: "حاسّة بيك… حسّ بيّ خلاص هتقتلني الظنون… مش كفاية تقول بحبّك بالعيون".

برعت نانسي في أداء الشخصيتين، وأقنعتنا بالدورين رغم صعوبة التركيبة العاطفية والتناقضات الموجودة بينهما، إذ نقلت لنا ألم الزوجة التي تتحمّل خيانة زوجها إكراماً لبيتها وأولادها، وحيرة العاشقة التي تتوق للوصول إلى قلب حبيبها إلى أن تكتشف في النهاية حقيقة زواجه. لعب نانسي للدورين يمنح القصّة جانباً آخر، ويطرح سؤال هام، فهل المقصود هو أن الرجل المتزوّج قد يقع بحب امرأة أخرى تشبه زوجته إلى حدّ كبير إلا أن الفرق الوحيد بينهما هو أن الزوجة مشغولة بالروتين المنزلي فيما تتألق الحبيبة ببريق نجوميتها واهتمامها بشكلها وجمالها؟

أقل ما يقال عن كليب "حاسّة بيك" هو أنه فيلم سينمائي قصير متكامل العناصر، ففيه القصّة التي تشدّ المشاهد لمتابعتها من البداية إلى النهاية، الأداء التمثيلي البارع، وفيه اهتمام بالغ بأدق التفاصيل، ليس فقط من حيث السناريو والأحداث، بل من حيث الصورة واللمسات الفنيّة التي حوّلت أحاسيس الأغنية إلى عناصر مرئية مرهفة.